للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما شرع الإِسلام هذه التسهيلات في الصلاة الرباعية رفقاً بالمسافر وتخفيفاً عنه من العناء الذي تفرضه طبيعة السفر شرع رفقاً آخر لا يقل عما تقدمه، ذلك هو ما رخص به من الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير، ليرفع بهذه الرخصة ما قد يدخل عليه من المشقة، فقد روى مسلم في صحيحه عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعًا) (١).

وروى مسلم أيضًا عن أنس - رضي الله عنه - كان النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق" (٢).

ومن خلال ما سبق يتضح لنا أن الإِسلام لم يكد يترك مرحلة من المراحل التي تمر بها هذه العبادة إلَّا وقد حباها بنوع من السهولة واليسر.

وصورة أخرى من صور اليسر والسهولة والسماحة ورفع الحرج والمشقة وهي أن الإِسلام راعى ما يعرض للإِنسان من ظروف وملابسات تجعل قيامه بالتكاليف الشرعية - مع يسرها وسهولتها -شاقاً وصعباً عليه كالمرض ونحوه- فشرع له أحكاماً تتناسب وحاله تخفيفاً وتيسيرًا عليه.

وقد تقدم أن الإِسلام أباح للمريض الفطر في رمضان حتى يصح.

كذلك خفف عنه في هيئة الصلاة وأباح له أن يؤديها حسب طاقته وقدرته.


(١) صحيح مسلم ١/ ٤٩٠، حديث رقم ٧٠٥، كتاب ٦، باب ٦.
(٢) صحيح مسلم ١/ ٤٨٨، باب ٥، حديث رقم ٧٠٣، كتاب ٦.

<<  <   >  >>