وقد سار المسلمون على سيرة نبيهم، فعاشروا غيرهم من أهل الملل والنحل الأخرى بصفاء ووئام، والدين أقوى حاكم على شعورهم، فلم يشاهد منهم ما يعابون عليه، ولم يفرقوا في مكارم الأخلاق وحقوق الإجتماع بين مسلم وغير مسلم ولم يمنعوا غير المسلم أن يقاضي أرفع رأس في المسلمين، وينتصف منه.
وعلى سبيل المثال لا الحصر:
يطالعنا التاريخ الإِسلامي: (أن ابن عمرو بن العاص والي مصر في زمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب لطم قبطياً، لأنه سابقه فسبقه، فاشتكى القبطي عند الخليفة عمر - رضي الله عنه -، فأرسل عمر إلى عمرو بن العاص وابنه فلما حضرا أحضر الخليفةُ القبطيَّ وقال له: أهذا الذي ضربك؟ قال نعم. قال: اضربه فأخذ يضربه حتى اشتفى له ثم قال له عمر: زد ابن الأكرمين!! ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال له: "منذ كم يا عمرو استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!! "(١).
فهذا لون من العدالة الإِنسانية لا يعرفه الناس في غير الإِسلام، لأنه قائم على احترام الإِنسان -أي إنسان - بِغَضِّ النظر عن جنسه ولونه بل وعقيدته أيضًا، وهذا السمو الذي تحلى به الإِسلام يزداد ظهورًا إذا قورن بما يجري بين الأمم اليوم من المعاملات التي تنافي الكرامة الإِنسانية بعد أن طغت الجاهلية، وأصبح الإِنسان كله لا يساوي شيئًا في المذهب المادي المسيطر في روسيا زعيمة الدول الشرقية، ولا يقوم له وزن إلَّا برصيده من الدولارات في أمريكا زعيمة الدول الغربية!! وغيرهما من الدول التي لم تهتد