للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلا- أحدًا في حكمه بل الحكم له وحده -جل وعلا- لا حكم لغيره البتة، فالحلال ما أحله -تعالى- والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، والقضاء ما قضاه. وقرأ ابن عامر من السبعة "ولا تشرك" بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي أي لا تشرك يا نبي الله. أو لا تشرك أيها المخاطب أحدًا في حكم الله -جل وعلا- بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم. وحكمه -جل وعلا- المذكور في قوله: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)} شامل لكل ما يقضيه -جل وعلا-، ويدخل في ذلك التشريع دخولًا أولياً. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينًا في آيات أخر ... وبعد أن ساق -رَحِمَهُ اللهُ- النصوص الدالة على أن الحكم لله وحده لا شريك له فيه وأن تحكيم القوانين الوضعية شرك ... قال: وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائ ٥ مخالفة لما شرعه الله -جل وعلا-على ألسنة رسله - صلوات الله وسلامه عليهم -، وأنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلَّا من طمس الله بصيرته وأعماه عن اتباع نور الوحي مثلهم.

ثم بيَّن -رَحِمَهُ اللهُ- أن هناك فرقًا بين ما يتغير بتغير الأزمان والأحوال وبين ما هو ثابت لا يتغير مهما تغيرت الأحوال والظروف في كل زمان ... فقال: اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السموات والأرض، وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك. وإيضاح ذلك أن النظام قسمان إداري وشرعي:

أما الإِداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف

<<  <   >  >>