فبعيد جدًّا أن يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين. إنما هو ولاء التحالف والتناصر الذي كان يلتبس على المؤمنين أمره فيحسبون أنه جائز لهم بحكم ما كان واقعًا من تشابك المصالح والأواصر. ومن قيام هذا الولاء بينهم وبين جماعات من اليهود قبل الإِسلام وفي أوائل العهد بقيام الإِسلام في المدينة حتى نهاهم الله عنه وأمر بإبطاله بعدما تبين عدم إمكان قيام الولاء والتحالف والتناصر بين المسلمين واليهود في المدينة.
إن المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب ولكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر والتحالف. والتسامح يكون في المعاملات الشخصية لا في التصور الإعتقادي ولا في النظام الإجتماعي" (١).
وبهذا يعلم أن سماحة الإِسلام مع أهل الكتاب شيء، واتخاذهم أولياء من دون الله شيء آخر، ولكنهما يختلطان على بعض المسلمين السذج الذين ينادون بما يسمى "زمالة الأديان" ويقولون إننا نستطيع أن نضع أيدينا في أيدي أهل الكتاب للوقوف في وجه المادية والإلحاد بوصفنا جميعًا أهل دين، وهم بهذا يخلطون بين دعوة الإِسلام إلى السماحة في معاملة أهل الكتاب والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه وبين الولاء الذي لا يكون إلَّا لله ولرسوله ثم للجماعة المسلمة ...
ولكن على هؤلاء السُّذَّج أن يعلموا أنهم واهمون في زعمهم هذا؛ فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يقوم بيننا وبين اليهود والنصارى ولاء وتناصر ندفع به المادية والإلحاد ولا يمكن أن نظن أن لنا وإياهم طريقًا واحدًا وهم الذين يتمنون أن لو نكفر كما كفروا فنكون سواءً: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا