للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يكره أحدًا على الإيمان وليس بمستطاع له ذلك ولا من وظائف الرسالة التي بعث بها أن تكره الناس على الإيمان، لأن الإيمان مشاعر القلب وتوجيهات الضمير، والعقائد لا تنشأ في الضمائر بالإكراه، فالإكراه في الدين فوق أنه منهى عنه هو كذلك لا ثمرة له.

فالإيمان إذن متروك للإختيار والإسلام لا يتملق أحدًا: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ...} (١) الآية.

ولكن سنَّة الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢)} (٢).

"إن شياطين الإنس يخلون بالطوائف غير المسلمة في البلاد العرَبية والإسلامية فيقولون لهم: اتبعونا وسنحطم لكم هذا الإِسلام الذي يفرق بين الناس على أساس العقيدة" {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (٥)} (٣). ليس الإِسلام هو الذي يفرق في نظمه ومعاملاته بين الناس على أساس العقيدة وهو الذي يمنحهم كل الحقوق الحيوية بلا تفريق ويجمع بينهم على أساس الإنسانية ... {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠)} (٤).

"ثم يترك لهم بعد ذلك كامل الحرية في اعتناق العقيدة التي


(١) سورة الكهف: آية ٢٩.
(٢) سورة الأنعام: آية ١١٢.
(٣) سورة الكهف: آية ٥.
(٤) سورة الإسراء: آية ٧٠.

<<  <   >  >>