للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)} (١).

ولم يتوقف الأمر من العدل معهم والبر بهم عند هذا الحد فحسب وإنما يسعى الإِسلام إلى توثيق الروابط بينهم وبين المسلمين بالتزاور والمؤاكلة والمشاربة وهي لا تكون إلَّا بين الأصدقاء والمتحابين ويتوج ذلك كله رباط الزواج وهو أوثق رباط: يقول جل ذكره: {... وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ...} (٢) والمؤاكلة والمصاهرة تدعو للمحبة وحسن المعاشرة والإِخلاص في المعاملة.

"ولقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلًا أعلى لمعاملة أهل الكتاب وكفل لهم حقوقهم الدينية والإنسانية وحفظ لهم مواثيقهم وعهودهم وشرط لهم واشترط عليهم ووفى لهم وأوصى بهم خيرًا ما داموا يعيشون تحت مظلة الحكم الإِسلامي وعلى ذلك سار المسلمون في علاقاتهم مع أهل الأديان الأخرى والدين أقوى حاكم على شعورهم فلم يشاهد منهم ما يعابون عليه من جهة التسامع مع مخالفيهم وكف الظلم عنهم ما دامت تربطهم بهم رابطة عهد أو ذمة أو مصلحة متبادلة، ولا يعرف ذلك لدين من الأديان أو شريعة من الشرائع أو أمة من الأمم غير دين الإِسلام وشريعته وأمته، والناظر في تصرفات قادة الفتوحات الإِسلامية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرائه وولاته، ومن جاء بعدهم من التابعين وتابعيهم يرى أنهم كانوا أحرص الناس


(١) سورة الممتحنة: آية ٨.
(٢) سورة المائدة: آية ٥.

<<  <   >  >>