للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذن .. فليس الإِيمان مجرد المعرفة فقط ولا المعرفة والإِقرار فقط بل المعرفة والإِقرار والإنقياد والتزام طاعة الله ودينه ظاهرًا وباطناً" (١).

وليس حب الله دعوى باللسان ولا هيامًا بالوجدان إلَّا أن يصاحبه الإتباع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسير على طريقته والعمل بسنته ... قال -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)} (٢).

قال الإمام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- في تفسيره لهذه الآية: هذه الآية الكريمة حاكمة على من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (٣).

وقال الحسن البصري وغيره من السلف: "زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ...} ثم قال -تعالى-: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا} الآية، أي تخالفوا عن أمره فإن الله لا يحب الكافرين فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر والله لا يحب من اتصف بذلك، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع


(١) انظر: زاد المعاد في هدى خير العباد للإِمام شمس الدين ابن قيم الجوزية ٣/ ٤٢. ط الثانية ١٣٦٩ هـ مصطفى الحلبي وشركاه بمصر.
(٢) سورة آل عمران: الآيتان ٣١، ٣٢.
(٣) صحيح مسلم ٣/ ١٣٤٤، حديث رقم ١٧١٨ كتاب ٣٠ - باب ٨.

<<  <   >  >>