للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبعًا لهواه فقد خلع ربقة التقوى من عنقه وتمادى في متابعة هواه، ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه وقدم ما أخره.

وأما المصلحة الجزئية فما يعرب عنها كل دليل لحكم في خاصته.

وقد توافرت نصوص كثيرة من القرآن والسنَّة لتدل على وحدة الشريعة ووحدة العقيدة وأنها السبيل القاصد إلى الله رب العالمين، وكل سبيل غيره جائر. قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١).

قال في الظلال: (فأعلن لهم إكمال العقيدة وإكمال الشريعة معًا ... فهذا هو الدين، ولم يعد للمؤمن أن يتصور أن بهذا الدين نقصًا يستدعي الِإكمال، ولا قصورًا يستدعي الِإضافة، ولا محلية أو زمانية تستدعي التطوير أو التحوير ... وإلَّا فما هو بمؤمن، وما هو مقر بصدق الله، وما هو بمرتض ما ارتضاه الله للمؤمنين ... إن الأحكام التفصيلية جاءت لتبقى كما هي والمبادئ الكلية جاءت لتكون هي الإِطار الذي تنموفي داخله الحياة البشرية إلى آخر الزمان، دون أن تخرج عليه، إلَّا أن تخرج من إطار الإيمان ... إن إرتضاء الله الإِسلام دينًا لهذه الأمة، ليقتضي منها ابتداء أن تدرك قيمة هذا الإختيار. ثم تحرص على الاستقامة على هذا الدين جهد ما في الطاقة من وسع واقتدار ... وإلَّا فما أنكد وما أحمق من يهمل -بَلْهَ أن يرفض- ما رضيه الله له، ليختار لنفسه غير ما اختاره الله! .. وإنها -إذن- لجريمة نكدة لا تذهب بغير جزاء، ولا يترك صاحبها يمضي ناجيًا أبدًا وقد رفض ما ارتضاه له الله ... ولقد يترك الله الذين لم يتخذوا الإِسلام دينًا لهم، يرتكبون


(١) سورة المائدة: آية ٣.

<<  <   >  >>