للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-تعالى-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ...} قال: (إن القرآن الكريم قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله، وعن اليوم الآخر، وزاد ذلك بيانًا وتفصيلًا، وبين الأدلة والبراهين عن ذلك وقرر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين، وقرر الشرائع الكلية التي بعث بها الرسل كلهم ... ومن تأمل ما تكلم به الأولون والآخرون في أصول الدين والعلوم الِإلهية وأمور المعاد، والنبوات، والأخلاق والسياسات والعبادات، وسائر ما فيه كمال النفوس وصلاحها وسعادتها ونجاتها لم يجد عند الأولين والآخرين من أهل النبوات، ومن أهل الرأي كالمتفلسفة وغيرهم إلَّا بعض ما جاء به القرآن ... ولهذا لم تحتج الأمة مع رسولها وكتابها إلى نبي آخر وكتاب آخر فضلًا عن أن تحتاج إلى شيء لا يستقل بنفسه غيره) (١).

نعم: إن القرآن الكريم الذي أنزله الله على نبيه - عليه أفضل الصلاة والسلام - هو منبع الخير كله ومطلع الهداية التي أشرق نورها على قلوب الناس فبدد منها الظلمات واستأصل منها الضلالات، فمن تمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى، التي لا انفصام لها، فهو كلام الله رب العالمين: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} (٢).

فما أحوجَ -من لم يحكم بما أنزل الله- إلى عودة حميدة إلى القرآن من جديد وبناء هيكل حياته على أسس أصيلة متينة من تعاليمه سواء ما يتصل منها بالعقيدة والعبادات أو الأخلاق والمعاملات أو السياسة والإقتصاد أو الأدب والثقافة والإجتماع، فالقرآن الذي أنزله الله ليسطع على العالم ما


(١) انظر: فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية ١٧/ ٤٤، ٤٥.
(٢) سورة فصلت: آية ٤٢.

<<  <   >  >>