للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنطاق السماحة والتيسير في الإِسلام لا يقتصر على شؤون العبادات فقط، وإنما يتسع لكل أحكام الإِسلام من معاملات مدنية وتصرفات شخصية وعقوبات جزائية وتشريعات قضائية ونحوها، والمتتبع للأحكام الشرعية والقواعد الفقهية يجد مظاهر رفع الحرج واضحة جلية ويجد أن جميع التكاليف في ابتدائها ودوامها روعي فيها التخفيف والتيسير على الناس قال -تعالى-: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} (١).

وقال عز من قائل: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٢).

وقال -تعالى-: {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ...} (٣) الآية.

قال ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:

في قوله -تعالى-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، أي مما كلفكم ما لا تطيقون وما ألزمكم بشيء يشق عليكم إلَّا جعل الله لكم فرجاً ومخرجاً. فالصلاة التي هي أكبر أركان الإِسلام بعد الشهادتين تجب في الحضر أربعاً وفي السفر تقصر إلى اثنتين وفي الخوف يصليها بعض الأئمة ركعة واحدة، وتصلَّى رجالاً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها وكذا في النافلة في السفر إلى القبلة وغيرها. والقيام فيها يسقط لعذر المرض فيصليها المريض جالساً، فإن لم يستطيع فعلى جبنبه إلى غير ذلك من الرخص


(١) سورة النساء: آية ٢٨.
(٢) سورة المائدة: آية ٦.
(٣) سورة الحج: آية ٧٨.

<<  <   >  >>