فلم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - حلالًا، ولا حرامًا، إلا بينه، لكن بعضه كان أظهر من بعض.
فما ظهر بيانه واشتهر، وعلم من الدين بالضرورة، لم يبق فيه شك، ولا يعذر أحد بجهله في بلد يظهر فيه الإسلام.
أما ما كان دون ذلك، فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة خاصة، فأجمع العلماء على حله أو تحريمه، وقد يخفى على بعض من ليس منهم (١).
وقد يظهر في حياة الناس من المعاملات والأحوال والأحكام ما لم يكن موجودًا من قبل فيقاس على غيره.
ومن هنا كانت المتشابهات التي خفي حكمها على بعض الناس، فلم يعلم أهي من الحلال البين، أم من الحرام البين، لوجود شبهة، أو علة تلحقها بأحدهما، فيلزم التحفظ والتبيين حتى لا يقع في المحرم من حيث لا يدري.
[٤ - أسباب الاشتباه]
من الأحكام ما لم يشتهر بين حملة الشريعة، فاختلف في تحليله وتحريمه لأسباب منها:
١ - أن يكون النص غير واضح الدلالة عند بعض أهل العلم.
٢ - قد ينقل فيه نصان، أحدهما بالتحليل، والآخر بالتحريم، فيبلغ طائفة منهم أحد النصين دون الآخر: فيتمسكون بما بلغهم.
٣ - أو يبلغ النصان معاً من لم يبلغه التاريخ، فيقف، لعدم معرفته للناسخ والمنسوخ.
٤ - ما ليس فيه نص صريح معين، وإنما يؤخذ من مفهوم، أو عموم، أو قياس، فتختلف أفهام العلماء كثيرًا في هذا النوع.