وكانت الصخرات القوية التي يعجز عنها القوم تتفتت، تحت ضربات النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق (١).
وكان - صلى الله عليه وسلم - أقرب الناس إلى العدو إذا حمى الوطيس، واشتد البأس في الحروب، وبهذا ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل الأعلى في وجوب العمل، وعدم التمييز عن الرعية.
وهكذا هؤلاء وغيرهم من رسل الله وأنبيائه، ممن اختار الله سبحانه واصطفى، لم يقعدوا عن طلب الرزق، ولم يرزقوا دون كد وتعب، وأخذ بالأسباب، بما لهم من منزلة عند الله تعالى، أو من حق القيادة والريادة لأممهم، وإنما عملوا بأيديهم، وسعوا في تحصيل عيشهم، ليستن بهم غيرهم ويحذوا حذوهم، فيطلبون الدنيا من حلها، وقاية لهم من الحرام، والكسب غير المشروع، وليس هناك استثناء في هذا المقام، حتى خاتم الرسل وصفوة خلقه - صلى الله عليه وسلم -.
[٣ - العمل في حياة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم]
[الصديق]
كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - تاجراً ميسورًا في الجاهلية، ومن أغنياء قريش، وظل هكذا في الإسلام وقد أنفق أمواله في سبيل الله كنشر الدعوة وعتق الرقاب.
«ولما تولى الخلافة شوهد ذاهباً إلى السوق ومعه أثواب يتجر بها، فلقيه عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما، فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق، قالا: تصنع ماذا؟ وقد وليت أمر المسلمين!! قال: فمن