للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعنى: إن الله يكشف السوء عن المسوء إذا دعاه أيضًا فحذف من الجملة المعطوفة لدلالة ما ذكر مع الجملة المعطوف عليها، أي يكشف السوء عن المستاء إذا دعاه. وظاهر التقييد بالظرف يقتضي ضمان الإجابة. والواقع أن الإجابة منوطة بإرادة الله تعالى بحسب ما يقتضيه حال الداعي وما يقتضيه معارضه من أصول أخرى، والله أعلم بذلك.

والحالة الثالثة: وهي حالة الانتفاع هي المشار إليها بقوله {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} أي يجعلكم تعمرون الأرض وتجتنون منافعها، فضمن الخلفاء معنى المالكين فأضيف إلى الأرض على تقدير: مالكين لها، والملك يستلزم الانتفاع بما ينتفع به منها. وأفاد خلفاء بطريق الالتزام معنى الوراثة لمن سبق، فكل حي هو خلف عن سلفه. والأمة خلف عن أمة كانت قبلها جيلاً بعد جيل.

ولما اقتضته الخلافة من تجدد الأبناء عقب الآباء والأجيال بعد الأجيال، وما اقتضته الاستجابة وكشف السوء من كثرة الداعين والمستائين عبر في أفعال الجعل التي تعلقت بها بصيغة المضارع الدال على التجدد بخلاف أفعال الجعل الأربعة التي في الآية قبلها» (١).

ومما يدل من السنة على الثقة بالله في تفريج الكرب ما جاء عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئًا» (٢).

وهذا الحديث فيه ثناء على الله عزَّ وجلَّ وتعظيم له عند الكرب، فكون المسلم يدعو بهذا الدعاء فهو يريد التخلص من الشيء الذي يهمه، مثل ما جاء في أن من دعاء بلفظ الجلالة فقد دعا باسم الله الأعظم، فيكون ذلك من


(١) التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد بن عاشور التونسي ١٩/ ٢٨٨، ط/ ١، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت: ١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م.
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب: الوتر، باب: في الاستغفار، رقم ١٥٢٥، وقال الألباني: حديث صحيح، انظر: صحيح سنن أبي داود، الألباني ص ٢٣٤، رقم ١٥٢٥.

<<  <   >  >>