قضت سنة الله أن ذوي العصيان أكثر عدداً ممن يطيع الرحمن، قال تعالى:{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}[المائدة: ٤٩] وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام: ١١٦] ويقول جل وعلا: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: ١٣].
فإذا رأيت أن أهل المعاصي هم الكثرة الغالبة، فلا يكن هذا صادًّا لك عن تمسكك بهذا الدين، وانظر إلى الحق ولا تنظر إلى العدد من الأشخاص، فالله وصف إبراهيم عليه السلام بأنه أمة وهو وحده قال تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: ١٢٠].
وابن مسعود - رضي الله عنه - يقول:"أنت أمة وإن كنت وحدك".
وكثرة الانحراف تدعوك لتمسك بدينك لا الضعف في التمسك به، لأن ذلك يدعوك إلى شكر نعمة الله عليك، بأن اصطفاك للهداية من بين خلقه وأضل غيرك مما يوحي إليك بتذكر هذه النعمة العظيمة والمنحة الإلهية الجليلة عليك.
وهذا مما يزيدك هداية ودعوة لغيرك، يقول الفضيل بن عياض:"لا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين ولا تستوحش من الحق لقلة السالكين".
فإذا سلكت طريق الحق، فاعلم أن الخلق يودون أنهم على الحق مثلك، ولكن الهداية لا تتحقق بالأماني، فاحمد الله أن من عليك بالاستقامة.