البعد عن الأهل والأوطان يظهر مناصع الرجال وكريم الخلال، وفي الغربة دربة على مشقة الحياة وضيق الابتلاء، وهو مدرسة للشموخ في العلم، ودرس في أن الحياة قد لا يدوم فيها الرخاء والترف، وفي الغربة انطلاقة لطالب العلم في عدم الاعتماد على الأهل، وأن الحياة لا تدوم على حال، وفي ذلك يقول الإمام الشافعي في ديوانه:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا ... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة ... وعلم وآداب وصحبة ماجد
وقال أيضاً:
ما في المقام لذي عقل وذي أدب ... من راحة فدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه ... وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده ... إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما افترست ... والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ... لملها الناس من عجم ومن عرب