للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» (رواه الترمذي وقال حسن صحيح).

ومن محاسن أهل الإيمان القيام لله في الظُّلَم: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: ١٧] في دجى الأسحار تصفو الأوقات وقد تنافس الصالحون في ظلمائه. يقول أبو سليمان الداراني: "والله لولا قياما لليل ما أحببت الدنيا". ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدع قيام الليل في سفر أو حضر وكان يصليه قائماً وقاعداً وعلى راحلته في أسفاره ولو إلى غير القبلة. وكان الصالحون يعيبون على من ترك قيام الليل، يقول الحسن البصري: "ما ترك أحد قيام الليل إلا بذنب أذنبه"، وذلك نابع من وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما حيث قال له: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فكان ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً» متفق عليه. وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل» (متفق عليه) ومن شرف العبودية التعبد ليلاً، والنفس لا تشرف إلا بعبوديتها لله. ولا يليق بشاب مستقيم أن يدع قيام الليل ولو نصف ساعة قبيل الفجر يناجي فيها ربه زَمَن فتح أبواب السماء، ولم يكن السلف يدعون قيام السحر يقول طاووس: "كنت أظن أن لا يدع أحد قيام السحر".

[٢ - الإكثار من الذكر]

ذكر الله ميزان الرفعة والتكريم، وهو خير ما يعطر به اللسان، وهو باب مفتوح بين العبد وبين ربه ما لم يغلقه العبد بغفلته، يقول ابن القيم (١): "إنه ـ أي الذكر ـ يورثه ذكر الله تعالى له، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢] ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلاً وشرفاً" بالإكثار من الذكر يسمو العبد عند ربه، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر


(١) الوابل الصيب ص٦٢.

<<  <   >  >>