الدين أعز من أن يُدنس بوحل الدنيا، وعمل البر لا يقوم على سوقه إلا بالإخلاص، ومن صرف أعمال الآخرة لمقصد دنيوي عوقب به، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» يعني ريحها. رواه أحمد وأبو داود. والعمل الصالح وإن كان كثيراً مع فساد النية يورد صاحبه المهالك، فقد أخبر الله عن المنافقين أنهم يصلون وينفقون ويقاتلون، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم أنهم يتلون كتاب الله في قوله عليه الصلاة والسلام:«ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر». متفق عليه. ولفقد صدقهم في إخلاصهم قال الله عنهم:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء: ١٤٥] وأول من تسعر بهم النار قارئ القرآن والمجاهد والمتصدق بماله الذين لم تكن أعمالهم خالصة له، وإنما فعلوا ذلك ليقال فلان قارئ، وفلان جريء وفلان متصدق.
فابتغ بقولك وفعلك ما عند الله فإنه يبقى وما سواه يفنى.
وإذا عمل العبد عملاً أظهر منه قصد الخير ونيته في ذلك تحيل مقصد دنيوي فهذا ضرب من النفاق العملي. قال ابن رجب (١): "ومن أعظم خصال