محمد الحافظ: ما رأيت الحديث في الشام كله إلا ببركة الحافظ، فإنني كل من سألته يقول: أول ما سمعت على الحافظ عبد الغني.
ولقد كان يهتم بالرحلة جدًا، ويحرّض الطلاب على ذلك، ورحّل غير واحد منهم.
وكان رحمه الله لا يضيع شيئًا من وقته في غير فائدة، فإنه كان يصلي الفجر، ويلقن القرآن، وربما أقرأ شيئًا من الحديث تلقينًا، ثم يتوضأ ويصلي ما شاء الله له أن يصلي، ثم ينام نومة، ثم يقوم فيصلي الظهر، ويشتغل بعد ذلك بالتسميع أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائمًا أفطر، ثم يصلي العشاء، وينام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسانًا يوقظه، فيتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر، وربما توضأ سبع مرات أو أكثر، وكان يقول: ما تطيب لي الصلاة إلا ما دامت أعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر. وهذا دأبه.
وكان أخوة الشيخ العماد يقول: ما رأيت أحدًا أشد محافظة على وقته من أخي.
وكان الحافظ رحمه الله سخيّا جوادًا، لا يدخر دينارًا ولا درهمًا، وكان يخرج في الليل بقفاف الدقيق إلى بيوت الفقراء متنكرًا في الظلمة، وكان يُفتح عليه بالثياب، فيعطي الناس، وثوبه مرقع، وأخباره في ذلك كثيرة.
وقال عنه ابن قدامة: كان الحافظ عبد الغني جامعًا للعلم والعمل، وكان رفيقي في الصبا، وفي طلب العلم، وما كنا نستبق