فأقبل عليَّ، وقام لي، والتزمني، ودعوت له، ثم قلت: عندنا قصور هو الذي يوجب التقصير، فقال: ما عندك لا تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة، فقال: ما عندك شيء تعاب به، لا في الدين ولا الدنيا، ولابد للناس من حاسدين".
وقال الضياء: ولما وصل إلى مصر كُنَّا بها، فكان إذا خرج للجمعة لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق. . . يجتمعون حوله، وكنا أحداثًا نكتب الحديث حوله، فضحكنا من شيء وطال الضحك، فتبسم، ولم يحرد علينا.
ورحل أيضًا إلى أصبهان، واجتمع بالحافظ أبي موسى المديني.
قال الضياء: سمعت الإمام عبد الله بن أبي الحسن الجبائي بأصبهان يقول: أبو نعيم قد أخذ على ابن منده أشياء في كتاب الصحابة، فكان الحافظ أبو موسى يشتهي أن يأخذ على أبي نعيم في كتابه الذي في الصحابة، فما كان يجسر، فلما قدم الحافظ عبد الغني أشار إليه بذلك، فاخذ على أبي نعيم نحوًا من مئتين وتسعين موضعًا.
ولذلك كان أبو موسى رحمه الله يقول: "قل من قدم علينا يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الإمام ضياء الدين أبي محمد؛ عبد الغني المقدسي، وقد وفق لتبين هذه الغلطات، ولو كان الدارقطني وأمثاله في الأحياء، لصوبوا فعله، وقل من يفهم في زماننا ما فهم، زاده الله علمًا وتوفيقًا".