وأجيب عنه بأن هذا له نظائر, فقد جاء في الإسبال ما جاء فيه بالتوعد عليه بالنار, وإذا كان خيلاء بعدم النظر إليه, وعدم الكلام من الله عز وجل, وعدم التزكية, وهو نظير مسألة الصبغ, بل هذا يكفي أنه مثله إن لم يكن أولى منه, وطعن في دلالة حديث ابن عباس أيضاً بأن الوعيد منصب على شيء آخر لقوم هذه صفتهم, وأن الوعيد منصب على أفعال لهؤلاء, إما لكفرهم وإما لفسقهم بكبائر, وصفتهم أنهم يصبغون بالسواد, فهذا الوعيد على شيء آخر, والصفة العارضة: كونهم يصبغون بالسواد كالتعريف والوصف لهم , مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تقاتلون قوماً نعالهم الشعر»(١) فلا يدل على تحريم الانتعال بنعال الشعر.
وأجيب بأن ذكر الحكم بعد الوصف يدل على أنه علة له, فلم يكن يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الوصف؛ إلا لأنه هو المؤثر في الحكم, فيكون قوم يصبغون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة, أي: بسبب الصبغ بالسواد, وطُعن في هذا الحديث أيضاً بأن يقال: كيف يكون هذا الوعيد العظيم للصحابة - رضي الله عنهم -؟ وقد فعلوه وفعله جماعة من التابعين؟
والإجابة أن نقول: لعله لم يبلغهم الخبر, فإن بلغهم الخبر فقد يكونوا تأولوا, بخلاف من بعدهم الذين يكثر فيهم الفساد, فمن خالف متأولاً
(١) البخاري (رقم: ٢٧٧٠) ومسلم (رقم: ٢٩١٢) وأبو داود (رقم: ٤٣٠٤) والترمذي (رقم: ٢٢١٥) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (رقم: ٤٠٩٦).