وروى أبو عثمان الصابوني في عقيدته بإسناده عن محمد بن حاتم المظفري؛ قال:«كان أبو معاوية الضرير يحدث هارون الرشيد، فحدَّثه بحديث أبي هريرة: «احتجَّ آدم وموسى»، فقال عيسى بن جعفر: كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما؟ قال: فوثب به هارون وقال: يحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارضه بـ «كيف»؟! قال: فما زال يقول حتى سكت عنه».
قال الصابوني:«هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على مَن يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد مع من اعترض على الخبر الصحيح الذي سمعه بـ «كيف» على طريق الإنكار له والابتعاد عنه، ولم يتلقَّه بالقبول كما يجب أن يُتَلَقى جميع ما يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم» انتهى كلامه رحمه الله.
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:«عجبتُ لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّدينَ يُخالِفونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ}: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الَشرك، لعلَّه إذا ردَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ، فيهلك»، ثم جعل يتلو هذه الآية:{فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنونَ حَتَّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً ممَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّموا تَسْليماً}.
وقال الحاكم: سمعتُ الأصمَّ يقول: سمعت الربيع يقول: «سمعت الشافعي، يقول، وروى حديثاً، فقال له رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله؟ فقال: متى رويت عن رسول صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً، فلم آخذ به؛ فأشهدكم أنَّ عقلي قد ذهب، وأشار بيده إلى رأسه؛ يعني: أن منزلة