وقال شارح «العقيدة الطحاوية»: «طريق أهل السنة أن لا يعدلوا عن النصِّ الصحيح، ولا يعارضوه بمعقول ولا قول فلان؛ كما قال البخاري رحمه الله، سمعت الحميدي، يقول: كنا عند الشافعي رحمه الله، فأتاه رجلٌ، فسأله عن مسألة، فقال: قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال رجل للشافعي: ما تقول أنت؟ فقال: سبحان الله! تراني في كنيسة؟ تراني في بيعة؟! تراني على وسطي زنَّار؟! أقول لك: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تقول: ما تقول أنت؟!».
وقال الحاكم: أنبأني أبو عمرو السماك مشافهة: أن أبا سعيد الجصَّاص حدثهم؛ قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: «سمعت الشافعي يقول، وسأله رجل عن مسألة، فقال: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا، فقال له السائل: يا أبا عبد الله! أتقول بهذا؟ فارتعد الشافعي، واصفرَّ، وحال لونه، وقال: ويحك! أي أرض تقلُّني وأي سماء تظلُّني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فلم أقل به؟! نعم؛ على الرأس والعينين، نعم، على الرأس والعينين».
وقال الربيع: قال الشافعي: «لم أسمع أحداً نسبته عامة أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه؛ فإن الله لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول رجل قال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى مَن بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد، لا يختلف فيه الفرض، وواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم».