على القضاء، فلمَّا وضع السرير؛ جلس، وجلس الناس حوله»، قال:«فسألته عن مسألة، فغلط فيها، فقلت: أصلحك الله، القول في هذه المسألة كذا وكذا؛ إلا إني لم أرد هذه، إنما أردت أن أرفعك إلى ما هو أكبر منها، فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: إذاً أرجع وأنا صاغر، إذاً أرجع وأنا صاغر؛ لأن أكون ذَنَباً في الحق أحبُّ إليَّ من أن أكون رأساً في الباطل».
قال ابن عبد البر: وأخبرني غير واحد عن أبي محمد قاسم بن أصبغ؛ قال:«لما رحلت إلى المشرق؛ نزلت القيروان، فأخذت على بكر بن حماد حديث مسدَّد، ثم رحلت إلى بغداد ولقيتُ الناس، فلما انصرفتُ؛ عدتُ إليه لتمام حديث مسدَّد، فقرأتُ عليه فيه يوماً حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه قدم عليه قومٌ من مُضر مجتابي النِّمار»، فقال لي: إنَّما هو مجتابي الثمار، فقلت له: إنما مجتابي النِّمار؛ هكذا قرأته على كل من قرأت عليه بالأندلس وبالعراق، فقال لي: بدخولك العراق تعارضنا وتفخر علينا! أو نحو هذا، ثم قال لي: قم بنا إلى ذلك الشيخ - لشيخ كان بالمسجد -؛ فإن له بمثل هذا علماً، فقمنا إليه، وسألناه عن ذلك؟ فقال: إنما هو مجتابي النِّمار كما قلتَ، وهم قوم كانوا يلبسون الثياب مشقَّقة جيوبهم أمامهم، والنمار جمع نمرة، فقال بكر بن حماد - وأخذ أنفه -: رغم أنفي للحق، رغم أنفي للحق، وانصرف».
ومن ذلك ما جاء في قصة عجيبة في التواضع والاعتراف بالخطأ على رؤوس الملأ، وبالفضل لمن حصل منه التنبيه على الخطأ، وقد ذكر هذه القصة الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه «المسائل الكافية»، فقال ما نصه: