وقد اشتملت أحاديث هذا الفصل على فوائد كثيرة نذكر منها ما يتعلق بالمقصود ههنا. أحدها الأمر الصريح بقص الشوارب وإنهاكها. الثانية الأمر الصريح بمخالفة المجوس وأشباههم من المشركين الذين يوفرون شواربهم.
ومن لم يمتثل الأمر بقص الشارب ومخالفة أعداء الله تعالى فهو عاص لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}[الأحزاب: ٣٦]، الثالثة أن المشروع إحفاء الشوارب بالقص وأما حلقها فغير جائز لأن الحلق أبلغ من القص والإحفاء والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالقص والإحفاء ولم يأمر بالحلق فمن حلق شاربه فقد زاد على المأمور به والزيادة على المأمور بدعة وغلو ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى في رواية أشهب أن حلقه بدعة وأرى أن يوجع ضربا من فعله.
وقال في رواية ابن عبد الحكيم يحفي الشوارب ويعفي اللحى وليس إحفاء الشارب حلقه وأرى تأديب من حلق شاربه. والدليل على المنع من حلق الشوارب قول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. وهذا اللفظ لمسلم.
وفي المسند وسنني النسائي وابن ماجه ومستدرك الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين». قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.