ومن مثَّل بلحيته فقد جنى على نفسه عدة جنايات الأولى منها تشويهه لوجهه وإنما سمي جدع الأنف وقطع الأذنين والمذاكير وغيرها من الأطراف مثلة لما في ذلك من التشويه لمن قطع ذلك منه قال ابن الأثير وابن منظور يقال مثلت بالحيوان أمثل به إذا قطعت أطرافه وشوهت به. الثانية إخزاءه لنفسه بالتعزير القبيح الذي لا يعزر بمثله إلا الأمراء الظلمة. الثالثة رضاه لنفسه بوصف التخنث ورغبته عن الاتصاف بوصف الرجولة.
وقد كان السلف يسمون المتشبهين من الرجال بالنساء المخنثين وقد تقدم قول ابن عبد البر رحمه الله تعالى أنه يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال. الرابعة رضاه بالدخول في عداد من سفه نفسه من أجل رغبته عن خصلة من خصال ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقد قال الله تعالى {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة: ١٣٠]، قال البغوي في تفسيره قال ابن عباس رضي الله عنهما خسر نفسه وقال الكلبي ضل من قبل نفسه وقال أبو عبيدة أهلك نفسه وقال ابن كيسان والزجاج معناه جهل نفسه والسفاهة الجهل وضعف الرأي وكل سفيه جاهل وقال الأخفش معناه سفه في نفسه انتهى ملخصاً.
وقال ابن كثير في تفسيره إلا من سفه نفسه أي ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق إلى الضلال حيث خالف