من رواية عبد الكريم الجزري الثقة المخرج له في الصحيح انتهى.
وقال الحافظ أيضاً في جوابه عن الأحاديث التي وقعت في (مصابيح السنة) وقيل أنها موضوعة.
حديث (يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يجدون رائحة الجنة) أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس، ولم يقع منسوباً في السنن، وفي طبقته آخر يسمى عبد الكريم يروي أيضًا عن عكرمة والأول هو ابن مالك الجزري ثقة متفق عليه أخرج له البخاري ومسلم، والآخر هو ابن أبي المخارق وكنيته أبو أمية وهو ضعيف، فجزم بأنه الجزري الحفاظ أبو الفضل بن طاهر وأبو القاسم بن عساكر والضياء أبو عبد الله المقدسي وأبو محمد المنذري وغيرهم وزاد أنه ورد في بعض الطرق منسوباً كذلك.
قلت وهو مقتضى صنيع من صححه كابن حبان والحاكم انتهى.
وقد جزم المزي في الأطراف بأنه عبد الكريم بن مالك الجزري.
وقال الحافظ المنذري قول من قال أنه عبد الكريم بن مالك الجزري هو الصواب فإنه قد نسبه بعض الرواة في هذا الحديث فقال فيه عن عبد الكريم الجزري وعبد الكريم بن أبي المخارق من أهل البصرة نزل مكة.
وأيضاً فإن الذي روى عن عبد الكريم هذا الحديث هو عبيد الله بن عمرو الرقي هو مشهور بالرواية عن عبد الكريم الجزري وهو أيضاً من أهل الجزيرة. قلت وقد صرح أبو داود في روايته بأن عبد الكريم هو الجزري فلم يبق بعد ذلك لابن الجوزي ولا لغيره متعلق في توهين هذا الحديث وقد اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديث عبد الكريم الجزري وقال أحمد وابن معين ثقة ثبت.
وقد زعم بعض العصريين أن في متن هذا الحديث نكارة لما فيه من الوعيد الشديد على الصبغ بالسواد وهو على تقرير هذا العصري لا يستحق ما جاء في الحديث من الوعيد الشديد وقد استبدل بزعمه هذا على وضع الحديث. وهذا منه خطأ محض وليس في متن الحديث نكارة كما زعمه فإن الخاضب بالسواد قد خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وارتكب نهيه وقد قال الله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور: ٦٣]، وقال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ