يا سادة، كان المستعمرون على عهد نشأتنا يحكمون بلادنا، وكانت لهم على كل جبل قلعةٌ مدافعُها موجَّهة إلينا، ولهم في كل بلد جند يلوّحون بسلاحهم في وجوهنا، وكنا نثور عليهم فنقتل منهم ويقتلون منا ... ثم أوحى إليهم شيطانهم خطة فيها توفير لأموالهم وحفظ لأرواح جنودهم، هي أن يتركوا هذا الاستعمار الظاهر ويعمدوا إلى استعمار خفي، يستعمرون به القلوب لا المدن، ويسخّرون به أبناءنا للإيقاع بنا.
وكان أول ما حاربونا به أن عملوا على سلبنا أقوى أسلحتنا، وهي ديننا. ذلك أنهم علموا أنه ما دام المسلمون متمسّكين بهذا الدين الذي يدعو إلى العزة ويأمر بالجهاد، ويفتح عيون أتباعه حتى يفرقوا بين الخير والشر والصديق والعدو، فلن يصلوا منا إلى ما يريدون؛ فعمدوا إلى إضعاف الدين في نفوس أولادنا، وشقّوا لذلك الطرق وأعدّوا له الخطط، فمن تقليل ساعات الدروس الدينية في المدارس، ومن بَثّ الشر في النفوس، ومن إفساد الأخلاق بالصور والأفلام ... فنالوا بذلك ما لم ينالوا عُشرَ مِعْشاره بالقلاع والمدافع والدبابات!