إذا أنت دققت في أحوال هذه الأمم -وهي تستكثر اليوم من أسباب القوة وتتزايد في اتخاذ العُدَد التي تدرأ عنها أخطار البركان الذي يوشك أن ينفجر في كل لحظة (١) - لرأيت أن أقوى عُددها وأمضى أسلحتها اتفاقُ بَنيها على المطمح الذي يطمحون إليه والغاية التي يبتدرونها، وأدركت أنها لن تنفع العدّةُ ولا يُجدي العَددُ أمةً أضاعت هدفها، فهي تهيم على غير هدى.
فما هو المطمح الذي نسعى إليه؟
إن لنا مطمحاً، ما في ذلك شك، ولكن الآراء تختلف على تحديده، في وقت يعمّ فيه البشرَ الرعبُ والفزع، ويتراءى فيه شبح الحرب المروّعة الجارفة، ولا يصحّ فيه اختلاف. فمنّا مَن قَصَر مطمحه على الجامعة الإقليمية الضيقة، ومنا من دعا إلى
(١) نُشرت هذه المقالة في مجلة «الثقافة» في السادس من حزيران (يونيو) سنة ١٩٣٩، وبعد نشرها باثني عشر أسبوعاً اجتاحت الجيوش الألمانية بولندا، في اليوم الأول من أيلول (سبتمبر)، وبدأت عندئذ الحرب العالمية الثانية رسمياً (مجاهد).