كل يوم، وفي كل مكان، تظهر أدلة جديدة على عظمة الإسلام وصحّة مبادئه، ويعود العالم إليها أو يقترب منها، من حيث يشعر أنها مبادئ الإسلام أو من حيث يراها مبادئ صحيحة.
ها نحن أولاء نقرأ اليوم ونسمع بأن دول أوربا -على ما كان بينها من خصومات ترجع جذورها إلى قرون طويلة، واختلاف في اللغات والعادات، واختلاف أحياناً في المعتقدات- قد تناست خصوماتها ودفنت أحقادها، وتخطت حواجز اللغات والعادات والمعتقدات، والتقت كلها أو كادت في أوربا واحدة.
كيف تلتقي فرنسا وألمانيا لقاء الأصدقاء ويفصل بينهما بحر من الدماء، من أيام نابليون وقبله وبعده، إلى حرب السبعين، إلى الحرب الأولى والثانية؟ كيف تلتقي ألمانيا وبلجيكا؟ كيف تلتقي إنكلترا وفرنسا؟ ما السوق الأوربية المشتركة؟
فما معنى هذا كله؟ معناه أنه لم يعد من الممكن أن تعيش في هذه الدنيا إلا الكتل الضخمة (١)، معناه أن مبدأ القوميات (الذي
(١) يختارون هذا لأنفسهم، أما لنا فلا يختارون إلا ما يضعفنا، لذلك تقسّمنا القوميات.