كان شعار القرن التاسع عشر) قد مات، وأن الروابط بين الناس صارت روابط معنوية، روابط هدف مشترك أو مصلحة يؤمن بها الجميع. أليس هذا ما دعا إليه الإسلام حين جعل الرابطة بين أفراد الأمة المسلمة تتجاوز حدود القوميات واللغات؟ أليس هذا ما كنا نقوله، أو ما كنت أقوله وأكتبه من أكثر من أربعين سنة؟ أليس هذا موضوع الخلاف بيننا وبين دعاة القومية من تلك الأيام؟
وليس العجيب أن يعود العالم إلى هذا، فهذا هو الحق، ولكن العجيب أن يبقى فينا من ينادي بمبدأ القوميات ويدافع عنها ويتحمس لها!
إن كل مبدأ من هذه المبادئ التي تدخل إلى رؤوس أبنائنا أخطر بألف مرة من الصواريخ والقنابل، لأنها تجعل من أبنائنا أعداء لنا وأعواناً لعدوّنا علينا. إن اليهود، وما لهم من مؤسسات ومخططات وما فُطروا عليه من المكر والدهاء وما بأيديهم من خزائن الأموال، إن الصهيونية وابنتها الماركسية، وابنتها الأخرى نظرية دارون، هذه كلها لا تزال تدس السموم في غذائنا الروحي في الكتب وفي الإذاعات، بل وفي البرامج والمناهج وعلى ألسنة كثير من المدرّسين في بلاد المسلمين.
حتى البضاعة التي تذهب «موضتها» عندهم ولا تعود صالحة للاستعمال تُصدَّر إلينا على أنها جديدة، كما تُصدَّر بالات الثياب المستعمَلة! فالقومية -كما رأيتم- بطلت موضتها في أوربا وأُهملت فصُدِّرت إلينا، ومثلها الدارونيّة التي انهارت علمياً وتهدّمت أسسها الموهومة على أيدي أكابر علماء العصر،