لقد زرت أكثر بلاد الإسلام في آسيا وزرت كثيراً من المدن التي فيها مسلمون في وسط أوربا، فرأيت أنه ليس بين أهلها (وبين شبّانهم على الأخص) وبين أن يدخلوا في الإسلام إلا أن يعرفوه على حقيقته، لأنه قوة في ذاته.
وقد كذب الذين يدّعون أن الإسلام إنما انتشر بالسيف. لقد مرّ وقت كان المسلمون فيه بعدد أصابع اليدين، كانت أمة الإسلام مؤلَّفة من أبي بكر وعليّ وخديجة وسلمان وبلال؛ أبو بكر يمثل الرجال، وعليّ يمثل الصبيان، وخديجة تمثل النساء، وبلال يمثل الحبشة، وسلمان يمثل الفرس، فهل كان معهم سيف؟
هل كان مع المسلمين الأولين الذين كانوا قلة في مكة وكانوا يستترون في دار الأرقم في أصل الصّفا، هل كان مع هؤلاء الذين نشروا الإسلام وأسسوا له الأسس وعرّفوا به الناس، هل كان معهم جيش له قوة وسلاح؟
بعث الله محمداً بالتوحيد ليواجه به الأرض الكافرة كلها، قال له: قاتل في سبيل الله لا تُكلَّف إلا نفسك. رجل واحد يقاتل في سبيل الله، لينصر شرع الله ولينقذ عباد الله من الضلالة والكفر.
إن الذين يحسبون الجهاد عدواناً مسلحاً لا يدرون ما الجهاد. الجهاد ليس حرباً هجومية نعتدي فيها على الناس، والإسلام إنما جاء لإقرار العدل وتحريم العدوان، وليس الجهاد حرباً دفاعية