للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسبب هذا كله المشايخ، أعني بعضهم، فهم الذين طبعوا في نفوس هؤلاء الناس تلك الصورة المشوَّهة للإسلام. المشايخ الذين طالما لقينا مِن تكفيرهم مَن يقول بكرويّة الأرض وحركتها وتكفير من يدرس الجغرافيا والكيمياء والطبيعة! وقد صرّح لي بذلك الأستاذ ساطع الحصري في القاهرة سنة ١٩٤٧، فقلت له: إن هذا العذر من مثلك غير مقبول، لأنك تستطيع -في قوة عقلك وسعة علمك- أن تعرف حقيقة الإسلام من مصادره وتُخلي ذهنك مما تقول إن أولئك المشايخ قد وضعوه فيه، وأن تدرسه من جديد، فترى أن الإسلام ليس ديناً جامداً ولا منافياً للحضارة ولا معارضاً للمنطق، وأنه هو الطريق إلى ما نسعى إليه جميعاً من استعادة أمجادنا واسترداد مكاننا بين الأمم.

ولو فعل ذلك لصار من أقوى دعاة الفكرة الإسلامية. أما


= السجون من غير مستند إلى قانون من القوانين، وجرّعوهم كؤوس الذلّ، حتى صار مَن يذكر السفور بسوء أو يدعو إلى الفضيلة والستر كمن يدعو إلى الخيانة العظمى ... وتولّى كِبْر ذلك سعد الله الجابري وكتلتُه، فسوّد به صفحته وأفسد وطنيته" (٥/ ٣٢٢ من الطبعة الجديدة). والقصة مفصَّلة في الحلقتين ١٤٨ و١٤٩ (في الجزء الخامس من الذكريات)، وهي طويلة، فمن شاء راجعها في موضعها هناك. وأصل هاتين الحلقتين المقالةُ التي نشرها علي الطنطاوي في «الرسالة» في تلك السنة، «دفاع عن الفضيلة»، وهي من جواهره التي ينبغي أن تُقرَأ وتعاد قراءتها في كل حين؛ فمن أحب قراءتها مجرَّدةً فهي في كتاب «في سبيل الإصلاح»، ومن أحب قراءتها مع الحواشي والشروح فليقرأ هاتين الحلقتين في «الذكريات»، والحلقاتُ التي بعدهما متّصلٌ موضوعُها بموضوعهما كذلك (مجاهد).

<<  <   >  >>