للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيي ومشورتي، ولكني لا أجد بدّاً من أن أقول كلمتي هذه لعلها تنفع أحداً. ولست أدّعي أني أعلّم أو أنصح، ولكنها تجارب لي أحببت أن أكتبها (١).

* * *

من هذه التجارب ما يتعلق ببرامج التعليم، ومنها ما يتصل بنظام المدرسة، ومنها ما يدور على أصول التدريس والمدرّسين.

أما برامج التعليم في المدرسة الدينية، فقد أصبح من المُجمَع عليه وجوب اشتمالها على العلوم الإسلامية والعربية وعلى ثقافة عامة واسعة تحيط بمجمل نواحي المعارف الإنسانية، لأنه أصبح من المفهوم أن الإسلام دين وعلم وقانون وفن، وأنه صالح لكل زمان ومكان، فلا يستقيم في الفكر أن تكون عقول علمائه الذين يعيشون اليوم مخالفة لعقول الناس وفي معزل عن حقائق الكون التي توصّل العقل البشري إلى معرفتها. وقد باد ذلك الرأي الذي يرى علوم الطبيعة والرياضة منافية للدين، ومات أصحابه بعد أن هبطوا بالأمة من يفاعها وبلغوا بها الحضيض الأوهد، وأكسبوها -بما ارتضوا لها من الجهل بعلوم الدنيا- هذا الاستعمار وهذه البلايا ...

فلن نطيل الوقوف عند هذا، ولكننا نشير إلى ضرورة تدريس العلوم الإسلامية الخالصة -كالفقه والتوحيد- على شكل يفهمه أبناء هذا العصر ويلائم أذواقهم، وأن يُختار لتدريسها


(١) نُشرت هذه المقالة في جريدة «الفتح» في صفر سنة ١٣٥٧، وكان علي الطنطاوي يومئذ مدرّساً في الكلية الشرعية في بيروت (مجاهد).

<<  <   >  >>