ضاق بها كثير من الشبان وغضبوا منها، ولكن غضبهم ذهب جفاء والرسالة بقيت في الأرض ولله وحده الحمد.
لقد كتبتها حين كنت في عشر الخمسين من العمر، وأنا اليوم في عشر السبعين، ولكني لا أزال مقتنعاً بكل ما جاء فيها.
* * *
والإسلام لا يحارب الغرائز ولا يقول لنا:«اقتلوها»، لأن الذي غرزها في النفوس وفطرها عليها هو الله، والذي أنزل الإسلام هو الله. فالإسلام ليس فيه رهبانية، ولكن ليس فيه أيضاً إباحية. إنه لا يقول لنا: قفوا في وجه السيل إذا أقبل! فإننا لا نستطيع أن نقف في وجه السيل، ولكن يقول: أعدّوا له مجرى آمناً يجري فيه، فلا يجرف البيوت ولا يذهب بساكنيها.
والإسلام لا يمنع شيئاً يحتاج إليه الناس ولا يحرّمه إلا أحلّ ما يقوم مقامه ويغني عنه؛ فهو قد حرّم الاتصال الناقص والاتصال الكامل غير المثمر، لأن المقصد من هذه الشهوة بقاء النوع، كما أن المقصد من الجوع بقاء الفرد. أما الاتصال الناقص، وهو النظر إلى جسد المرأة الأجنبية (ولو كانت زميلة أو سكرتيرة، أو خادمة في البيت، أو طالبة في الجامعة، أو موظفة في الحكومة) ولمسه والخلوة بالمرأة وأمثال ذلك فإنه حرام، لأنه يصرف عن المقصود الأول وهو بقاء النوع.
وأوضّح الأمر بمثال. أكثر الأسر تشكو من انصراف أولادها عن الطعام، فإذا حضر الغداء لم يقبلوا عليه ولم يصيبوا حاجتهم