إلّا منه، ولا يكون ذلك إلّا إذا قيد المعنى بشئ يخصصه ويجعله فى حكم نوع برأسه، وذلك كنحو أن يقيد بالحال والوقت مثل:«هو الوفى حين لا تظن نفس بنفس خيرا». وهكذا إذا كان الخبر بمعنى يتعدى ثم اشترط له مفعول مخصوص كقول الأعشى:
هو الواهب المائة المصطفا ... ة إمّا مخاضا وإما عشارا
فقد جعل الوفاء فى الوقت الذى لا يفى فيه أحد نوعا خاصا من الوفاء، وكذلك جعلت «هبة المائة من الإبل» نوعا خاصا، أى أنّ المقصور هو الوفاء فى هذا الوقت لا الوفاء مطلقا، وأنّ المقصور هبة المائة من الإبل فى إحدى الحالتين- إمّا مخاضا وإمّا عشارا- لاهبتها مطلقا ولا الهبة مطلقا.
الثالث: أن لا يقصد قصر المعنى فى جنسه على المذكور كما فى الوجهين السابقين وإنما لغير ذلك، كما فى قول الخنساء:
إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا
لم ترد الشاعرة أنّ ما عدا البكاء عليه فليس بحسن ولا جميل ولم تقيد الحسن بشئ فيتصور أن يقصر على البكاء كما قصر الأعشى «هبة المائة» على الممدوح، ولكنها أرادت أن تقره فى جنس ما حسنه الحسن الظاهر الذى لا ينكره أحد ولا يشك فيه شاكّ. ومثله قول حسان:
وإنّ سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
أراد أن يثبت العبودية ثم يجعله ظاهرا لأمر فيها ومعروفا بها، ولو قال:
«ووالدك عبد» لم يكن قد جعل حاله فى العبودية حالة ظاهرة متعارفة. وعلى ذلك قول الآخر:
أسود إذا ما أبدت الحرب نابها ... وفى سائر الدهر الغيوث المواطر
ولتعريف المسند- الخبر- بالألف واللام نكات أخرى ذكرها عبد القاهر الجرجانى ومن ذلك أن يقال: «هو البطل المحامى وهو المتقى