ثم قال: «ومن له أدنى بصيرة يعلم أنّ للالفاظ فى الأذن نغمة لذيذة كنغمة أوتار، وصوتا منكرا كصوت حمار، وأن لها فى الفم أيضا حلاوة كحلاوة العسل ومرارة كمرارة الحنظل، وهى على ذلك تجرى مجرى النغمات والطعوم (١)».
وذكر أن ابن سنان قد تحدث عما يتعلق باللفظة الواحدة من الأوصاف وقسمها عدة أقسام- كما مر- وفيما قاله ابن سنان لا حاجة إليه، لأنّ تباعد المخارج يشمل معظم اللغة العربية، وأنّ جريان اللفظة على الصرف العربى ليس مما يوجب لها حسنا ولا قبحا وإنما يقدح فى معرفة مستعملها بما ينقله من الألفاظ، وأنّ تصغير الكلمة مما لا حاجة إلى ذكره لأنّ المعنى يسوق إليه. أما الأوصاف الأخرى التى ذكرها ابن سنان فقد أقام عليها ابن الأثير بحثه فى الألفاظ فقبل منها ما قبل ورفض ما رفض، وشرح تلك الأوصاف بما يغنى عن كثير من الكتب، وكانت دراسته من أوسع الدراسات وأعمقها ولم يأت بعده من أضاف إليها، واتجهت الكتب إلى التلخيص والقضاء على النزعة الأدبية التى، اتسمت بها دراسة ابن الأثير.
[السكاكى]
وعندما قسم السكاكى (- هـ) البلاغة إلى علومها لم يعقد للفصاحة فصلا، وإنّما تكلم عليها بعد أن انتهى من علم البيان، وذكر أنّها قسمان:
الأول: راجع إلى المعنى وهو خلوص الكلام من التعقيد.
وشرح تعقيد الكلام وقال: هو أن يعثر صاحب الفكر فى متصرفه ويشيك الطريق إلى المعنى، كقول الفرزدق:
وما مثله فى الناس إلّا مملكا ... أبو أمه حىّ أبوه يقاربه
وكقول أبى تمام:
ثانيه فى كبد السماء ولم يكن ... كاثنين ثان إذ هما فى الغار