المرتجى» ولا يقصد بهذه الجملة شئ مما مضى، فهى لا تشير إلى معنى قد علم المخاطب أنه كان ولم يعلم أنّه ممن كان كما فى «زيد هو المنطلق»، ولا تريد قصر معنى عليه على معنى أنه لم يحصل لغيره على الكمال كما فى «زيد هو الشجاع»، ولا أن تدل على أنّه ظاهر بهذه الصفة كما فى «ووالدك العبد» وإنّما تريد أن تقول هذه العبارة للسامع: «هل سمعت بالبطل المحامى؟ وهل حصلت معنى هذه الصفة؟ وكيف ينبغى أن يكون الرجل حتى يستحق أن يقال ذلك له وفيه؟ فاذا كنت قتلته علما وتصورته حقّ تصوره فعليك صاحبك واشدد به يدك فهو ضالتك وعنده بغيتك».
ويزداد هذا المعنى ظهورا بأن تكون الصفة التى يراد الإخبار بها عن المبتدأ مجراة على موصوف كقول ابن الرومى:
هو الرجل المشروك فى جلّ ماله ... ولكنه بالمجد والحمد مفرد
وقول الآخر:
أنا الرجل المدعوّ عاشق فقره ... إذا لم تكارمنى صروف زمانى
وفى هذه الدراسة تتضح قدرة عبد القاهر على التحليل وتؤكد أنّ لاختلاف الصيغ وللتعريف والتنكير دلالات لم تعن بها كتب النحو المتأخرة، ولا نجدها إلّا فى كتب البلاغة وفى مقدمتها «دلائل الإعجاز» وكان حقها أن تدرس فى كتب النحو لتفهم الأساليب العربية وتعرف المقاصد والأغراض.
[التنكير]
للتنكير دلالة غير ما نراه فى التعريف، «وقد يظن ظان أنّ المعرفة أجلى فهى من النكرة أولى، ويخفى عليه أنّ الإبهام فى مواطن خليق وأنّ سلوك الايضاح ليس بسلوك للطريق خصوصا فى موارد الوعد والوعيد والمدح والذم اللذين من شأنهما التشييد. وعلة ذلك أن مطامح الفكر متعددة المصادر بتعدد الموارد، والنكرة متكثرة الأشخاص يتقاذف الذهن من مطالعها إلى مغاربها وينظرها بالبصيرة من منسمها إلى غاربها فيحصل فى النفس لها فخامة وتكتسى