للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلِهِ الرُّسُلُ» (١)، وقوله: «وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ» (٢) أى: لستم فى دعواكم للرسالة عندنا بين الصدق والكذب كما يكون ظاهر حال المدعى إذا ادعى بل أنتم عندنا كاذبون فيها.

ومنه: «ما محمد إلّا شاعر» ووجه القصر فيه أنّه متى قيل: «ما محمد» توجه النفى إلى صفته لا ذاته لأنّ أنفس الذوات يمتنع نفيها وإنّما تنفى صفاتها، وحيث لا نزاع فى طوله وقصره وما شاكل ذلك وإنما النزاع فى كونه شاعرا أو كاتبا تناولهما النفى، فاذا قيل: «إلا شاعر» جاز القصر. وتستعمل «غير» فى القصر استعمال «إلّا».

- إنّما: ويكون المقصور عليه مؤخرا وجوبا، ومنه قوله تعالى: «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» (٣).

ومنه قول قيس بن الرقيات:

إنّما مصعب شهاب من الله ... تجلّت عن وجهه الظّلماء

والدليل على أنّها تفيد القصر أمور:

الأول: كونها متضمنة معنى «ما» و «إلّا»، لقول المفسرين فى قوله تعالى: «إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ» (٤) - بالنصب- معناه «ما حرم عليكم إلا الميتة».

الثانى: لقول النحاة إنّ «إنّما» لإثبات ما يذكر بعدها ونفى ما سواه.

الثالث: لصحة انفصال الضمير معها مثل: «إنّما يضرب أنا»، أى:

«ما يضرب إلّا أنا».


(١) آل عمران ١٤٤.
(٢) يس ١٥.
(٣) فاطر ٢٨.
(٤) البقرة ١٧٣.

<<  <   >  >>