للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ» أوفى بتأدية ذلك، لأنّ معناه:

لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم وتربحون صحة دينكم فينظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة.

ومنه قول الشاعر:

أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا ... وإلّا فكن فى السّرّ والجهر مسلما

وقد فصل «لا تقيمن» عن «ارحل» لقصد البدل، لأنّ المقصود من كلامه هذا كمال إظهار الكراهة لاقامته بسبب خلاف سره العلنى، وقوله:

«لا تقيمن عندنا» أو فى بتأدية هذا المقصود من قوله «ارحل» لدلالته عليه بالمطابقة مع التأكيد.

- أن تكون الثانية بيانا للأولى، وذلك بأن تنزل منها منزلة عطف البيان من متبوعه فى إفادة الإيضاح، والمقتضى للتبيين أن يكون فى الأولى نوع خفاء مع اقتضاء المقام إزالته، كقوله تعالى: «فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ، قالَ: يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى؟» (١)، فصل جملة «قال» عما قبلها لكونها تفسيرا له وتبيينا.

ومنه قول المعرى:

الناس للناس من بدو ومن حضر ... بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم

فالجملة الثانية «بعض لبعض ...» إيضاح للأولى «الناس للناس ...» وهى بيان لها.

الثانى: أن يكون بين الجملتين كمال الانقطاع، وذلك:

- أن تختلف الجملتان خبرا وإنشاء لفظا ومعنى، كقول الشاعر:

وقال رائدهم: ارسوا نزاولها ... فكلّ حتف امرئ يجرى بمقدار


(١) طه ١٢٠.

<<  <   >  >>