للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثالثها: ما يفيده تنكير «حياة» من التعظيم أو النوعية.

ورابعها: اطراده بخلاف قولهم، فانّ القتل الذى ينفى القتل هو ما كان على وجه القصاص لا غيره.

وخامسها: سلامته من التكرار الذى هو من عيوب الكلام بخلاف قولهم.

وسادسها: استغناؤه عن تقدير محذوف بخلاف قولهم، فان تقديره:

القتل أنفى للقتل من تركه.

وسابعها: أنّ القصاص ضد الحياة، فالجمع بينهما طباق.

وثامنها: جعل القصاص كالمنبع والمعدن للحياة بادخال «فى» عليه (١).

ومن القصر قوله تعالى: «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ» (٢) وقوله: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ» (٣) وقوله: «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ» (٤).

ومنه قول الشريف الرضى:

مالوا إلى شعب الرّحال وأسندوا ... أيدى الطعان إلى قلوب تخفق

فانه لما أراد أن يصفهم بالشجاعة فى أثناء وصفهم بالغرام عبّر عن ذلك بقوله «أيدى الطعان».

وهذا مفهوم الإيجاز بالقصر عند البلاغيين، غير أنّ ابن الأثير (٥) يعدّه فرعا من الإيجاز الذى لا يحذف منه شئ،

لأنّه يقسم الإيجاز إلى قسمين:


(١) الإيضاح ص ١٨٢، وينظر كتاب الصناعتين ص ١٧٥، والمثل السائر ج ٢ ص ١٢٥ وبديع القرآن ص ١٩٢، ونهاية الإيجاز ص ١٤٥.
(٢) المؤمنون ٩١.
(٣) يونس ٢٣.
(٤) فاطر ٤٣.
(٥) المثل السائر ج ٢ ص ١١٤، وينظر الطراز ج ٢ ص ١١٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>