للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله «فلأذربيجان» كلمة رديئة لطولها وكثرة حروفها وهى غير عربية، وكذلك قوله «استسماجها» ردئ لكثرة الحروف وخروج الكلمة بذلك عن المعتاد فى الألفاظ إلى الشاذ النادر.

ومنه قول المتنبى:

إنّ الكريم بلا كرام منهم ... مثل القلوب بلا سويداواتها (١)

ف «سويداواتها» كلمة طويلة جدا.

الثامن: أن تكون الكلمة مصغرة فى موضع عبر بها فيه عن شئ لطيف أو خفى أو قليل أو ما يجرى مجرى ذلك، فانها تحسن به. ومن ذلك قول عمر بن أبى ربيعة:

وغاب قمير كنت أرجو طلوعه ... وروّح رعيان ونوّم سمّر

وهذا تصغير مختار فى موضعه، فأما الأسماء التى لم ينطق بها إلّا مصغرة كاللجين والثريا فليس للتصغير فيهما حسن يذكر، لأنّه غير مقصود بهما ما ذهب إليه ابن سنان.

ومعظم هذه الشروط تدخل فى فصاحة الألفاظ المؤلفة، والإخلال بها قد يؤدى إلى زيادة القبح والتنافر فى الكلام، لأنّه حين تكون الألفاظ مجتمعة تحتاج إلى دقة فى التركيب واختيار اللطيف منها. يقول ابن سنان متحدثا عن الشرط الأول: «إنّ الأول منها أن يكون تأليف اللفظة من حروف متباعدة المخارج، وهذا بعينه فى التأليف وبيانه أن يجتنب الناظم تكرر الحروف المتقاربة فى تأليف الكلام كما أمرناه بتجنب ذلك فى اللفظة الواحدة، بل هذا فى التأليف أقبح، وذلك أنّ اللفظة المفردة لا يستمر فيها من تكرار الحرف الواحد أو تقارب الحرف مثلما يستمر فى الكلام المؤلف إذا طال واتسع» (٢).


(١) سويداء القلب: حبته، وجمعها سويداوات.
(٢) سر الفصاحة، ص ١٠٧.

<<  <   >  >>