للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترى الثور فيها مدخل الظّل رأسه ... وسائره باد إلى الشّمس أجمع

فوجه الكلام فيه هذا كراهية الانفصال» (١). والأصل أن يقول:

مدخل رأسه الظل، لأنّ الرأس هو الداخل فى الظل، والظل هو موضع الدخول.

ووقف الآمدى هذا الموقف من القلب فقال إنّ المتأخر لا يرخص له فى القلب، «لأنّ القلب إنّما جاء فى كلام العرب على السهو، والمتأخر إنّما يحتذى على أمثلتهم ويقتدى بهم وليس ينبغى أن يتبعهم فيما سهوا فيه» (٢).

وذكر رأى الذين يذهبون إلى أنّ القلب جاء فى كتاب الله كقوله: «ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ» (٣)، وقال إنّ هذا ليس بقلب وإنّما هو صحيح مستقيم، وإنما أراد الله تعالى: «ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ» أى: تميلها من ثقلها، ذكر ذلك الفراء وغيره وقالوا إنّما المعنى «لتنوء العصبة».

وانتهى الآمدى إلى أنّ القلب القبيح لا يجوز فى الشعر ولا فى القرآن، وهو ما جاء فى كلام العرب على سبيل الغلط، وقال معقبا على بيت الفرزدق يصف ذئبا:

وأطلس عسّال وما كان صاحبا ... رفعت لنارى موهنا فأتانى (٤)

وإنما أراد رفعها للذئب وأنشده المبرد وقال: «القلب جائز للاختصار إذا لم يدخل الكلام لبس» كأنه يجيز ذلك للعرب الأوائل دون المتأخرين.


(١) كتاب سيبويه ج ١ ص ٩٢.
(٢) الموازنة ج ١ ص ٢٠٧.
(٣) القصص ٧٦.
(٤) الأطلس: الأغبر. عسال: نسبه إلى مشيته، يقال: مر الذئب يعسل، وهو مشى خفيف كالهرولة. الوهن والموهن من الليل: نحو منتصفه أو بعد ساعة منه.

<<  <   >  >>