للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو أريد العطف امتنع. وقوله: «وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ» (١)، وقوله:

«إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ» (٢). والأصل «من القانتات» و «من الغابرات» فعدت الأنثى من المذكر بحكم التغليب.

الثانى: تغليب المتكلم على المخاطب والمخاطب على الغائب، كقوله تعالى:

«بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» (٣)، بتاء الخطاب، غلب جانب «أنتم» على جانب «قوم» والقياس أن يجئ بالياء لأنه وصف القوم، وقوم اسم غيبة ولكن حسن آخر الخطاب وصفا ل «قوم» لوقوعه خبرا عن ضمير المخاطبين.

ومنه قوله تعالى: «فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ» (٤)، غلب جانب «أنت» على جانب «من» فأسند إليه الفعل وكان تقديره «فاستقيموا» فغلب الخطاب على الغيبة، لأنّ حرف العطف فصل بين المسند إليهم الفعل فصار كما نرى.

الثالث: تغليب العاقل على غيره، وذلك بأن يتقدم لفظ يعم من يعقل ومن لا يعقل فيطلق اللفظ المختص بالعاقل على الجميع. ومنه قوله تعالى:

«وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ» (٥)، لما تقدم لفظ «الدابة» والمراد بها عموم من يعقل ومن لا يعقل غلب من يعقل فقال «فمنهم من يمشى».

وقد يجتمع فى لفظ واحد تغليب المخاطب على الغائب والعقلاء على غيرهم كقوله تعالى: «جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ» (٦)، أى: خلق لكم أيّها الناس من جنسكم ذكورا وإناثا وخلق الأنعام أيضا من أنفسها ذكورا وإناثا. يذرؤكم- أى ينبتكم ويكثركم أيها


(١) التحريم ١٢.
(٢) الأعراف ٨٣.
(٣) النمل ٥٥.
(٤) هود ١١٢.
(٥) النور ٤٥.
(٦) الشورى ١١.

<<  <   >  >>