واعلم أنّ علمى أصول الفقه والمعانى فى غاية التداخل فانّ الخبر والإنشاء اللذين يتكلم فيهما المعانى هما موضوع غالب الأصول وأنّ كل ما يتكلم عليه الأصولى من كون الأمر للوجوب والنهى للتحريم ومسائل الإخبار والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد والإجمالى والتفصيل والتراجيح كلها ترجع إلى موضوع علم المعانى، وليس فى أصول الفقه ما ينفرد به كلام الشارع عن غيره إلّا الحكم الشرعى والقياس، وأشياء يسيرة» (١).
وهذا ما أطال الكلام عليه عبد القاهر الذى قال إنّ الصحة فى الكلام هى الخطوة الأولى، أمّا الخطوة الثانية فهى فهم الكلام واستخلاص ما فيه من المعانى الثوانى التى يدل عليها، ولذلك كان «علم المعانى» ضروريا فى فهم الأساليب البلاغية، بعد أن فقد النحو رونقه وبهاءه، وأصبح قواعد لا تعنى إلّا بالإعراب والبناء، والعوامل، والجدل المنطقى الذى لا يخدم اللغة بقدر ما يعوقها عن النمو والازدهار.