للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاله في الأستاذ أبي علي، وقد استوزره فخر الدولة بعد وفاة الصاحب وأبا العباس الضبيّ وخلع عليهما وقول أبي بكر الخوارزمي (١): [من الطويل]

أراك إذا أيسرت خيّمت عندنا ... مقيما وإن أعسرت زرت لماما

فما أنت إلا البدر إن قلّ ضوؤه ... أغبّ، وإن زاد الضياء أقاما

المعنى لطيف، وإن كانت العبارة لم تساعده على الوجه الذي يجب، فإن الإغباب أن يتخلل وقتي الحضور وقت يخلو منه، وإنما يصلح لأن يراد أن القمر إذا نقص نوره، لم يوال الطلوع كل ليلة، بل يظهر في بعض الليالي، ويمتنع من الظهور في بعض. وليس الأمر كذلك، لأنه على نقصانه يطلع كل ليلة حتى يكون السّرار، وقال ابن بابك

في نحوه: [من المتقارب]

كذا البدر يسفر في تمّه ... فإن خاف نقص المحاق انتقب

وهكذا ينظر إلى مقابلته الشّمس واستمداده من نورها، وإلى كون ذلك سبب زيادته ونقصه وامتلائه من النور والائتلاق، وحصوله في المحاق، وتفاوت حاله في ذلك، فتصاغ منه أمثال، وتبيّن أشباه ومقاييس، فمن لطيف ذلك قول ابن نباتة (٢):

[من الخفيف]

قد سمعنا بالعزّ من آل ساسا ... ن ويونان في العصور الخوالي

والملوك الألى إذا ضاع ذكر ... وجدوا في سوائر الأمثال

مكرمات إذا البليغ تعاطى ... وصفها لم يجده في الأقوال

وإذا نحن لم نضفه إلى مد ... حك كانت نهاية في الكمال

إن جمعناهما أضرّ بها الجم ... ع وضاعت فيه ضياع المحال

فهو كالشمس بعدها يملأ البد ... ر، وفي قربها محاق الهلال


(١) البيتان في الإيضاح ص ٢٠٦، تحقيق الدكتور هنداوي (طبعة مؤسسة المختار)، والإشارات والتنبيهات ص ١٧٤، ويتيمة الدهر ٢/ ٢٢٤، وزهر الآداب ٢/ ٩٩. (لماما) بالكسر: الإلمام النزول، وقد ألمّ به أي نزل به. ابن سيدة: لمّ به وألمّ والتمّ نزل به، وألمّ به: زاره غبّا، الليث:
الإلمام الزيارة غبّا، والفعل ألممت به، وألممت عليه، ويقال: فلان يزور فلانا لماما أي: في الأحايين. والغبّ: الإتيان في اليومين، ويكون أكثر، وأغبّ القوم وغب عنهم: جاء يوما وترك يوما، وأغبّ عطاؤه إذا لم يأتنا كل يوم، وأغبت الإبل إذا لم تأت كل يوم بلبن وأغبنا فلان: أتانا غبا. [اللسان: لمم، غبب].
(٢) الأبيات في مدح عضد الدولة من قصيدته في تاريخ اثنتين وسبعين وثلاثمائة، مطلع القصيدة:
دفع الله نائبات الليالي ... عنك، يا حامل الخطوب الثقال

<<  <   >  >>