للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى على أنه «النّوفل الزّفر»، وليس الزفر باسم لجنس غير جنس الممدوح كالأسد، فيقال إنه شبّه الممدوح به، وإنما هو صفة كقولك: «هو الشجاع» و «هو السيّد» و «هو النهّاض بأعباء السيادة».

وكذلك قوله (١): [من المنسرح]

يا خير من يركب المطيّ ولا ... يشرب كأسا بكفّ من بخلاف

لا يتصور فيه التشبيه، وإنما المعنى: أنه ليس ببخيل.

هذا، وإنما يتصوّر الحكم على الاسم بالاستعارة، إذا جرى بوجه على ما يدّعى أنه مستعار له، والاسم في قولك: «لقيت به أسدا» أو «لقيني منه أسدا»، لا يتصوّر جريه على المذكور بوجه، لأنه ليس بخبر عنه، ولا صفة له، ولا حال، وإنما هو بنفسه مفعول «لقيت» وفاعل «لقيني». ولو جاز أن يجري الاسم، هاهنا مجرى المستعار المتناول المستعار له، لوجب أن نقول في قوله (٢): [من الرجز]

حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

إنه استعار اسم الذئب للمذق، وذلك بيّن الفساد.

وكذا نحو قوله (٣): [من البسيط]

نبّئت أنّ أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد

لا يكون استعارة، وإن كنت تجد من يفهم البيت قد يقول: أراد بالأسد


(١) الصواب «بخلا» بدل «بخلاف».
(٢) البيت يدور في كتب النحاة، وأنشده المبرّد لأحد الرجاز بلفظ
بتنا بحسان ومعزاه تئطّ ... ما زلت أسعى بينهم وألتبط
حتى إذا كاد الظلام يختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
قيل: هو للعجاج، لم يذكره لسان العرب في «ذئب، مذق»، وحسان: اسم رجل، والمعزى: من الغنم، وتئطّ: يصوّت جوفها من الجوع، وألتبط: أسعى هنا وهناك. راجع الكامل بتحقيقي ٢/ ٤٣٨، ولسان العرب مادة: (مذق)، والمصنف على حق في عدم صحة الاستعارة هنا.
(٣) البيت نسبه ابن منظور للنابغة، ونسبه أبو الفرج الأصفهاني إليه قائلا: غنّاه الهذلي أي: أن هذا البيت مما غنّي من قصائد النابغة التي اعتذر فيها لأبي قابوس، والقابوس: الجميل الوجه الحسن اللون، وأبو قابوس: كنية النعمان بن المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي ملك العرب. راجع الأغاني ١١/ ٣٩، ولسان العرب مادة: (قبس).

<<  <   >  >>