الوجه الثالث: ما تقدم من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه وفي رواية إلا قبضه، وفي رواية تصاوير بدل تصاليب، وصيغة هذا الحديث تقتضي العموم؛ لأن "شيئًا" نكرة في سياق النفي فتعم كل تصليب وصورة، وهذا يدل على أن لعب عائشة - رضي الله عنها - لم تكن صورًا حقيقة، ولو كانت صورًا حقيقة لنقضها النبي - صلى الله عليه وسلم - كسائر التصاليب والصور.
الوجه الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة وقد تقدمت الأحاديث بذلك، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا عن جبريل - عليه السلام - أنه أتاه ليلة فلم يدخل البيت من أجل كلب فيه، ومن أجل ما فيه من تمثال الرجال، ثم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: مر بقطع رأس التمثال وإخراج الكلب، وهذا يدل على أن لعب عائشة - رضي الله عنها - لم تكن صورًا حقيقة، ولو كانت صورًا حقيقة لمنعت الملائكة من دخول بيتها، وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليترك في بيته شيئًا يمنع من دخول الملائكة فيه، فتعيَّن أن لعب عائشة - رضي الله عنها - لم تكن صورًا حقيقة، وإنما هي على نحو ما وصفته في الوجه الأول.
الوجه الخامس: ما تقدم من رواية عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت.