وفي هذه الآية على هذا التفسير أبلغ تحذير من التصوير، ومثل ذلك ما في الأحاديث الصحيحة كما سيأتي ذكرها - إن شاء الله تعالى - وقد عظُمت البلوى بصناعة الصور وبيعها وابتياعها، وافتتن باقتنائها واقتناء الجرائد والمجلات والكتب التي فيها ذلك كثير من المنتسبين إلى العلم من معلمين ومتعلمين فضلاً عن غيرهم، وصار نصبها في المجالس والدكاكين عادة مألوفة عند كثير من الناس، ومَن أنكر ذلك عليهم أو أنكر صناعتها فأقل الأحوال أن يستهزئوا به ويهمزوه ويلمزوه، وهذا دليل على استحكام غربة الإسلام، وظهور الجهل بما بعث الله به رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وما أمر به من هدم الأوثان وكسر الأصنام والصلبان وطمس الصور ولطخها، فالله المستعان.
وهذا المنكر الذميم - أعني: صناعة الصور ونصبها في المجالس وغيرها - موروث عن قوم نوح ثم عن النصارى ومَن بعدهم، وكذلك عن مشركي العرب؛ فإنهم كانوا يصنعون الصور وينصبونها كما ستأتي الإشارة إلى ذلك من الأحاديث التي ستأتي قريبًا - إن شاء الله تعالى.
ولكن كان عملها واتخاذها قليلاً عند مشركي العرب بالنسبة إلى النصارى، وقد صوَّر مشركو قريش في جوف الكعبة صورًا؛ منها: صورة إبراهيم، وصورة إسماعيل، وصورة مريم في حجرها عيسى - عليهم الصلاة والسلام -