وقد رُوِي عن عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى - أنه رُفِع إليه قوم شربوا خمرًا فأمر بجلدهم فقيل له: إن فيهم صائمًا، فقال ابدؤوا به، أما سمعتم الله - تعالى - يقول:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}[النساء: ١٤٠].
فاستدلَّ عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى - بهذه الآية الكريمة على أن الراضي بالذنب كفاعله، واعتبر الجلوس مع العصاة رضًا بأعمالهم.
وقد ذكر عبدالله بن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن عبدالله بن شميط، عن أبيه، كان يقول: مَن رضي بالفسق فهو من أهله.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: مَن حضر المنكر باختياره ولم ينكره فقد عصى الله ورسوله بترك ما أمره به من بغض المنكر وإنكاره والنهي عنه، وإذا كان كذلك فهذا الذي يحضر مجالس الخمر باختياره من غير ضرورة ولا ينكر المنكر كما أمر الله هو شريك الفُسَّاق في فسقهم فيلحق بهم.
قلت: ومثله مَن يحضر مواضع التصوير باختياره ولا ينكر على المصورين فهو شريكهم في ظلمهم وإثمهم.
وقد روى أبو داود الطيالسي في "مسنده" ومسلم في "صحيحه" والبخاري