والمداد بل تعظيمًا للملك، كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان.
قال ابن القيم - رحمة الله تعالى -: وبهذا المثال بعينه عُبِدت الأصنام، وما ذكره هذا المشرك عن موسى وسليمان - عليهما السلام - لو صحَّ لم يكن فيه دليل على السجود للصور، وغايته أن يكون بمثابة ما يذكر عن داود أنه نقش خطيئته في كفه كي لا ينساها.
فأين هذا مما يفعله هؤلاء المشركون من التذلل والخضوع والسجود بين يدي تلك الصور، وإنما المثل المطابق لما يفعله هؤلاء المشركون مثال خادم من خدمِ الملك دخل على رجل فوثب الرجل من مجلسه وسجد له وعبده، وفعل به ما لا يصلح أن يفعل إلا مع الملك، وكل عاقل يستجهله ويستحمقه في فعله؛ إذ قد فعل مع عبد الملك ما كان ينبغي له أن يخص به الملك دون عبيده من الإكرام والخضوع والتذلل، ومعلوم أن هذا إلى مقت الملك له وسقوطه من عينه أقرب منه إلى إكرامه ورفع منزلته، كذلك حال مَن سجد لمخلوق أو لصورة مخلوق؛ لأنه عمد إلى السجود الذي هو غاية ما يتوصل به العبد إلى رضا الرب، ولا يصلح الإله ففعله لصورة عبد من عبيده وسوى بين الله وبين عبده في ذلك، وليس وراء هذا في القبح والظلم شيء؛ ولهذا قال - تعالى -: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣]، انتهى.
وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" والترمذي في "جامعه" وابن خزيمة